عندما صنعناه... عبدناه

عندما صنعناه عبدناه

بقلم السيد: وليد الهاشم
ظاهرة عبادة الصنم ليست محصورة بالوثنية و الديانات البدائية بقدر ما هي صفة انسانية تتعلق بالجمود الذهني للإنسان مقابل لحظات أو ومضات إن شئت أن تسميها تلوح لأفراد من الأمة فيحطموا المألوف متجاوزين بذلك ما كان يعتبر وسيلة رئيسية و يستبدلونه بوسيلة جديدة.

تلك الظاهرة واضحة جدا في مجال الاعمال كشركة نوتيلا العملاقة فقد كان مؤسسها صاحب مخبز واجه مشكلة شح الشوكلاته فعوض ذلك بخلطها مع البندق المسحوق مما جعل الزبائن تستسيغ ذلك الخليط من الطعم الهجين اللذيذ ، عندها غير صاحب النشاط نشاطه كاملاً و اصبح ينتج نوتلا لمخابز العالم .

عام ١٩٧٩ تفاجئنا بفيديو أحضره والدي للمنزل : تستطيع مشاهدة الفلم عدة مرات و تعيده من اللقطة التي تعجبك أو توقفه لتتناول الغداء و تعود بعدها للمشاهدة !!!
ذلك كان شيء عجيب جداً و رأينا بعدها اخوة ( من جنسية عربية يأتون لبلدنا و يعملون سنتين في الغربة و طموحهم بشراء فيديو و تلفزيون للمنزل )
الفيديو فقد قيمته و التلفزيون فقد عرشه أمام الهاتف الذكي
لو تمسكت شركات التكنلوجيا الكبرى بالقالب الصنم ( الفيديو ) لكانت متاحف للشركات المنقرضة و لكن خيار تغيير القالب بتبني انتاج الديفيدي و اللابتوب و الكمبيوتر اللوحي و اجهزة العاب الاطفال والتحالفات مع شركات اخرى أدت لنمو تلك الشركات بما لو قلنا لمؤسسيها أن شركتكم ستنمو هكذا لقالوا : هل أنتم مجانين ؟؟!!

الجنون الحقيقي في الإنسان هو التشبث بالقالب و نسيان الهدف .
الهدف الأساسي من ظاهرة المنبر في المجتمع الاسلامي عموما و الشيعي خصوصاً هو دعم التواصل مع عامة المجتمع بعملية تعلم مستمرة .

الهدف هو عملية التعلم المستمر و الذي يستمر بالارتقاء دون شعور دون توقف دون تخطيط حتى

الارتقاء الطبيعي و التلقائي ربما أكون صادماً للمطلعين عندما أقول أنه يحدث دون تخطيط !!! فالتخطيط بحد ذاته يقود جزئيات من الارتقاء و لكن الارتقاء الكبير يكون بسبب توافر عناصر عملية تعلم مستمر تطور السلوك .
لن يتقبل مني أحد ان المنبر يشبه جهاز الفيديو الى حد كبير وعلينا أن نعي ذلك و نتقبل انقراضه لأنه ببساطة لا يقود عملية تعلم مستمر
و اذا اردت أن تقييم التعلم المستمر للمجتمع فقط عليك أن تشاهد تطور سلوكه !! هل يسير للافضل ؟ هل هو سابق للزمن و قيادي أم مقلد ؟؟
كيف وضع المجتمع قبل خمس سنوات ؟؟!! عشر سنوات ؟؟!! هل يسير للافضل ؟ هل يحل هذا المجتمع مشاكله بقوة أم يتخبط فيها ؟؟!!

اغفال الثمرة الكبرى من دور المنبر يجعلنا نعبده كصنم دون أن نتقبل دوره كوسيلة تناقص مجالها مع ظهور وسائل أكثر تطوراً.

٨٠٠ حسينية تتطور فقط عبر تغيير دورها وتبني ادوار جديدة مضموناً و هندسة بتغيير جذري في الدور و الشكل
نحتاج مكتبات و مراكز معلومات
نحتاج قاعات مؤتمرات
نحتاج مراكز تعلم عن بعد باتصال سريع بالانترنت
نحتاج مراكز متخصصة بالصحة و التعليم و مقاومة التطرف

نحتاج أفراد أقوياء لا يعبدون الاصنام .



* ملاحظة:
مقالات زاوية نبض القلم لا تمثل رأي المركز الثقافي وإنما هي تمثل رأي كاتبها فقط.