رسالة من آل عيثان للسيد جواد السلمان العبدالمحسن

رسالة ذات عبارات فخمة  من آل عيثان للسيد جواد السلمان العبدالمحسن

هذه الرسالة من الرسائل التي نسجت عباراتها بفخامة على النّهج الكلاسيكي للكتابة و هي شاهدة على حقبة من حقب الكتابة و الإنشاء و هذا نصّها  :
 بسم الله الرحمن الرحيم 
 رجب 1367هـ.
 حضرة نتيجة قياس الزّمان و فوّارة ينبوع الإيمان ، و حلية الألوان سيادة العزّ و الشّرف، والعارِجُ إلى أوجِ المعارجِ و الغُرف الأخ الأعزّ سعادة سيّدنا السّيد جواد نخبة العماد الأقوَم  وخلف السيّد الأعظم  السيّد سلمان بن السيّد صالح بن محسن متّع الله البلاد ببقائه آمين
سلامٌ أشرق نوره من صبح الأزل ، فــلاحَ على هياكل التّوحيد مثاله ، و ثناءٌ فَتَقَ ظُهورهُ أجواء المثل ، فانبسط في أفق القوابل بالبلاغ الأقوم، و الإنشاء الأقدم  و التّجليّ الأعظم من اللاهوت القدسي فأبان لنا أفعاله ، و برز من سرّ الإبداع ساطعا سناه من مكنون الاختراع ، يكاد زيته يضيء و لم تمسسه  نار ، نورٌ على نورٍ فأضاء لنا بعظيم إقباله مؤيّدا تحت قدسيّة  سيّد شباب أهل الجنّة، و سبط  بني الرّحمة  نهديه في مناديل السّعود  و الإقبال ، و نزّفه برضا  ذي المجد و الجلال، إلى خير فرع من خير آل، المشار إليه في أعلى العنوان  و المعنيُّ اسمه في نظْم البيانِ ، 
لا تزال سماءُ جوده ماطرةٌ ، و آثار عِزّه عاطرة ، و رياض ناديه عامرةٌ ، و أعلام عزّه سائرة، متّعنا الله بطول بقاه و مَنّ علينا بلقاه، آمين ربّ العالمين  .
 بينما نحن في ذبول و احتراق ، لوحشة البُعدِ و الفراق، و إذا بطاير السّعد يرفرف علينا باحسن نطاق ، مُعربا عن صحّة وحيد الدّهر و فريد العصر، فتلقيناه بالقبول ، داعين الله في محالّ الإجابة و أوقات القبول، أن يديم لنا سلامتكم  و أن يرينا طلعتكم، عن قريب  آمين ربّ العالمين ، و إن حرمنا عن نصرتكم  نسأل الله أن يديم  سعادتكم ، و أن ينصركم على من ناواكم  و عاداكم ، إنّه على كلّ شيء قدير، والسّلام عليكم مع ما يبرز لسعادتكم من غرض أو حاجة نتشرّف ، والسّلام عليكم وعلى العائلة والمتعلّقين لا سيمّا الإخوان العُزاز، السيّد علي و السيّد عبدالرّضا ، و على ابنا الفقيد الرّاحل إلى رحمة ربّه ، السيّد أحمد و السيّد محمد و السيّد عبدالحسين و السيّد ياسين و ، على أبناء العمّ السيد علي الهاشم و السيد عبدالله و السيّد إبراهيم و السيّد محسن و السيّد عدنان و السيّد محمد و السيد أحسين و على جميع من يسأل عنّا و السلام عليكم  ختام .
الداعي لكم بالخير و الإحسان
حسن و علي ابني الشيخ محمد بن عيثان

تاريخ الرّسالة : مدوّن بالشهر و السّنة و هي  رجب عام 1367هجرية .

مرسلا الرسالة هما  كل من : الشّيخ حسن ( ت 1367هـ ) وأخيه العلّامة الجليل الشيخ علي ابني الشيخ محمد بن الشيخ عبدالله العيثان (ت 1401هـ ) و قد سبقت الترجمة لهما رحمهما الله في رسالة سالفة  .

المرسل  إليه: هو المرحوم السّيد جواد بن السيّد سلمان بن السيّد صالح آل عبدالمحسن من أعيان الأحساء و رجال الوطن ولد في القارة حدود 1320 هـ ، وَ والدته فاطمة بنت أحمد بن الشّيخ من البّطالية ، وَ نشأ  في أحضان أسرة نجيبة ، و تعهّده والده وعمّه السيّد علي بالرعاية فالحقه بالمطوّع لتعلّم القرآن الكريم ، و الكتابة و الحساب حسب ما هو متاح في تلك الفترة ، لمن هم في عمره ، إلا انّ الأسرة كانت مهتمة بالتعلّم الذّاتي و تمتلك مكتبة جيّدة  فنشأ السّيد جواد في أحضانها معتمدا على تعلّم ذاتي، ويوازيه ثقافة اجتماعية اكتسبها في مجالس أبيه وعمّه المرحوم السيّد علي ، إلي كان محظيا لديه مقرباً لنفسه فزوّجة ابنته ، و كان يوكل له المهام التّي تؤهّله وتكسبه الخبرات الاجتماعية ،  كالتّحكيم في فضّ المنازعات فكان وكيلاً شرعيا عنه حسبما رأيت في بعض الوثائق. العموديّة: و قد تسلسلت العموديّة في القارة  لعقود طويله في هذه الأسرة الكريمة فقد تولاها السيّد جواد ( المرسل إليه الرّسالة  بين عامي 1367هـ  إلى وفاته عام 1388هـ) , و كان قبله عمّه  السيّد علي بن السيّد صالح  الذي تولّى العموديّة بين عامي ( 1340 هـ -  1367هـ ) و قبله  أخوه السيّد سلمان بن السيد صالح العبدالمحسن  الذي تولاها ما بين عامي (  1306هـ  - 1340هـ ) و قبلهما  والدهما السيد صالح  بن أحمد بن محمد  المتوفى عام 1306هـ، و قبله أخوه السيد حجي بن أحمد، و قبلهما والدهما السيد  أحمد بن محمد  و قبله والده  محمد و هذا التّعاقب لعقود طويلة أكسب السّيد جواد خبرات متوارثة و لياقات اجتماعيّة و روحا مبادرة في الخير، و في حياته كان موضع  الثقة الشعبية و الرسمية , فكان عضوا في الوفود الممثلة للأحساء داخلها و خارجها . كما كان ربّ مجلس مشرع للضيوف من الأحساء و خارجها ، فكان لذلك موضع مدح الشعراء حيّا و ميتا  فقد حيّاه الخطيب الشهير الملا عطية الجمري ( ت 1401هـ) بقصيدة  مطلعها :

قصدنا  ساحة الشّهم الجليل   **  جواد الأكرمين بني الرّسول 

فتي سلمان زِيدَ عُلا و عِزّاً  **  له الذروات من خير القبيل
 و عند ارتحاله - رحمه الله -  إلى بارئه  في 6 من رجب عام 1393هـ  رثاه عدد من الشعراء كالشّيخ باقر أبي خمسين - رحمه الله - و كان بينهما صلة وثيقة بقصيدة مطلعها  : 

ذكراك ذكرى التّقى و المرتقى العالي  *** ذكرى الكرامات  أجيالا  لأجيال

ذكرى  تدوم على  طول الزّمان به   *** كآية الذكر من تال إلى تالي
و رثاه شعراء آخرون كالشّيخ حسن الجزيري ، و الأستاذ  جواد المطر،  و السيد سلمان الأحمد الحاجي و الشيخ كاظم الصّحاف، و الأستاذ منصور العلي (ابو جمال ) و غيرهم  .
 مناسبة الرّسالة : فهي يبدو أنها رسالة جوابية لرسالة بعثها السيد جواد السلمان العبدالمحسن للشيخين آل عيثان , و فيها إشارة لوفاة عمّه السيّد علي بن السيد صالح ، وهو من أعيان الأحساء و عمدة القارة  و من ملاّك النخيل من مواليد عام 1283هـ ، و قد ورد اسمه في بعض المبايعات و الوثايق الأحسائيّة وكان من الرجالات المخضرمين و الذين عاصروا مخاض تكوّن الدولة الحديثة ، و ممن قاتل في صفوف الجيش السعودي ضد المغيرين على الأحساء في واقعة كنزان، و كان السّيد كما أسلفنا قد تولى عمودية القارة ما بين 1340هـ إلى حين وفاته رحمه الله  في عام 1367هـ  تاريخ الرّسالة . ( الإخوان العزاز  السيد علي و السيد عبدالرضا  ) : هما أخوا السيد جواد كلّ من : السيد علي السيد سلمان ( بو خليفة) : و لد عام 1327هـ والدته  فاطمة بنت سلمان بن عبدالله الحسن ، كان رحمه الله يعمل في تجارة الأقمشة و حملداري للحجّ ، و رزق عدداً من الأبناء و البنات من زواجات عديدة , توفي رحمه الله سنة 1397هـ . السيد عبدالرضا  : هو السّيد عبدالرضا بن السّيد سلمان بن السّيد صالح ( بو سلمان ) ولد عام 1332هـ والدته آمنة بنت أحمد السليمان البقشي , ملاك نخيل و اشتغل في الخياطة لاحقا في الخبر، ثم رجع للأحساء و عمل في تجارة المواد الغذائية في الأحساء و توفي عام 1397هـ .
(و على ابنا الفقيد الرّاحل إلى رحمة ربّه السيّد أحمد والسيّد محمد والسيّد عبدالحسين و السيّد ياسين و على أبناء العمّ السيد علي الهاشم و السيد عبدالله و السيّد إبراهيم و السيّد محسن والسيّد عدنان والسيّد محمد و السيد حسين و على جميع من يسأل عنّا و السلام) :
أبناء الفقيد يقصد بهم أبناء عمّه المرحوم السيد علي بن السيد صالح و هم كلّ من :
السيّد أحمد بن السيد علي: من مواليد عام 1306هـ ملاك نخيل و توفي عام 1388هـ .
السيد محمد السيّد علي : من مواليد عام 1330هـ ملاك نخيل  و توفي عام 1413هـ .
السيد عبدالحسين : وهو العلامة السيد عبدالله بن السيد علي الصالح أبو رسول (و سبقت الترجمة له في رسالة سابقة بعنوان – اشتياق الخلان في رسالة أحسائية - ) توفي عام 1429هـ .
السيد ياسين السيد علي  بن السيد صالح : عمل في التجارة  نسأل الله تعالى له العافية و طول البقاء .
 و أبناء العم  يقصد بهم أبناء عمّه السيد هاشم السيدّ صالح  (ت 1340هـ )  و هم كلّ من :
 أبناء السيد علي السيد هاشم : من مواليد عام 1310 هـ و كان ملاك نخيل  توفي 1369هـ. السيد عبدالله السيّد هاشم: من مواليد عام 1316هـ  كان ملاك نخيل أديبا شاعرا ، توفي عام 1391هـ .السيد إبراهيم السيد هاشم : من مواليد عام 1324هـ ، كان ملاك نخيل يهوى القنص ، توفي عام 1384هـ . السيد محسن السيد هاشم: من مواليد عام 1331هـ , عمل في تجارة الأقمشة توفي عام 1369هـ . السيّد عدنان  السيد هاشم : من مواليد عام 1327هـ ، كان ملاك نخيل ، و اشتهر بمعرفة الأنساب، توفي عام 1389هـ . السيّد محمد السيّد هاشم : من مواليد عام 1320هـ ، اشتهر كطبيب عربي و اختصّ  بتجبير الكسور، وعمل الكيّ  توفي عام 1396هـ . السيد حسين : من مواليد عام 1330هـ ، كان ملاك نخيل توفي عام 1403هـ.
( حضرة نتيجة قياس الزّمان و فوّارة ينبوع الإيمان ، و حلية الألوان  سيادة العزّ و الشّرف ، و العارِجُ إلى أوجِ المعارجِ و الغُرف ، الأخ الأعزّ سعادة سيّدنا السّيد جواد، نخبة العماد الأقوَم و خلف السيّد الأعظم  السيّد سلمان بن السيّد صالح بن محسن متّع الله البلاد ببقائه آمين)
في تلك الفترة لم يكن إزجاء الألقاب كالمكتوبة سابقا قاصرا على العلماء فقط ، بل حتى الوجهاء و أرباب الفضل و النجابة ، من أهل الخير بل كان الكاتب يستخدم مصطلح ( المقدّس ) عن بعض أهل الحشمة كما سنرى بعون الله تعالى في رسائل قادمة . 
 يلاحظ القاريء  لنصّ  الرّسالة تركيزا كبير على فخامة الأسلوب و الكلمات و الالتزام بالصَياغة المترفة و المشحونة بالمحسّنات البيانية و البديعية ، وهي بقية الثمالة من إزدهار هذا الأسلوب الفخم  في ذلك الزمن والذي كان لغة سائدة بين العلماء الأدباء حينها واستمرّ قرونا ، و لكن من جهة أخرى سوف يلاحظ المدقّق  أنّ هذه الرسالة أيضا كانت مليئة  أيضا بالمصطلحات السائدة في لغة المدرسة الحكمية الأحسائية ، والتي مثّلت لعقود طويلة ثقافة سائدة ، شاعت في لغة الخطاب وعبارات الإنشاء، و ألقت بظلالها خارج حدود الأحساء، و وصلت للعتبات المقدسة سيما كربلاء المقدّسة ، والتّي كانت مركز هذين العلمين المرسلين للرّسالة و الذي كان والدهما المقدّس الشّيخ محمد بن الشيخ عبدالله العيثان أحد أبرز أعلام تلك المدرسة. و يبدو أنّ هذا الأسلوب في الوسط العلمي الأدبي في الحواضر العلمية لم يبدأ بمزايلة هذا الأسلوب الكتابي إلا بعد أن الحرب العالمية الثانية و دخول بروز أساليب إنشائيّة أحدث متأثرة بالقراءات و المطالعات الجديدة مما كان يصدر من مجلات و كتب و دوريات  في الحواضر العربية سيّما بعد توالي الهجرات إليها .    

  إفادات  كل من الأساتذة : السيد عبدالهادي بن السيد جواد السلمان العبدالمحسن .السيد إسماعيل بن السيد سلمان السلمان العبدالمحسن. المؤرخ الأستاذ حسين بن جواد الرمضان. المؤرخ الأستاذ أحمد بن عبدالمحسن البدر. الأستاذ الشيخ عادل بن علي الأمير.  كتاب ( السيّد أبو هادي.. . الرمز و الحكمة و العطاء) للسيد عبدالهادي العبدالمحسن .أعلام هجر ( السيد هاشم الشّخص) مشاهدات و قراءات  سابقة.

شكر خاص لمقدّم الرسالة المهندس السيد عبدالهادي السلمان العبدالمحسن

 

من الاعلى اليمين الشيخ حسن آل عيثان و على اليسار الشيخ علي آل عيثان