(سعة النفس: من الأخلاق القرآنية المنسية...)...
هناك تدين فكري. .وهناك تدين شكلي وآخر طقوسي. .ولكن التدين الأخلاقي نادرا ما نلتفت إليه بالرغم من أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان تدينه أخلاقيا بالدرجة الأولى. .ولذلك قال. . (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. .)..بل نجد أن الله سبحانه وتعالى يمدح محمد ﻷخلاقه العاليه. .ويكشف لنا القرآن أن محمد ما صعد إلى هذا العلو إلا بأخلاقه. . (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )... فلم يكن محمداً خلقه القرآن كما يقال لنا. .بل كان خلقه قرأنا نتعبد بقراءته ونقتدي بنهجه. .. (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)... ومن الأخلاق القرآنية المنسية. .أو المغفل عنها هو خلق سعة النفس. .. فأول ما تستوجبه الأخلاق القرآنية منا هو توسيع نفوسنا, فالحياة واسعة وهي تحوي تنوعا لا حد له, وبالتالي فكيف لنا أن نستوعب هذه الحياة ونفوسنا ضيقة ولا نجد فيها مساحة إلا لذواتنا, فلا عجب أننا نعيش كل هذه الخلافات والنزاعات والتخندقات والتمزق الاجتماعي, لأننا جميعا نتحرك في مساحات نفسية ضيقة جدا, ومن يعيش هذه المساحات الضيقة فالاحتكاك وارد لأقل الأمور أهمية, فيكفينا أن نختلف على أمور جزئية أو تاريخية لنكفر بعضنا ولنعلن الحرب على من يخالفنا. حتى كثير من علمائنا ممن صاروا يجارون العوام في نفوسهم الضيقة فيجعلون من اختلاف الرأي والاجتهاد مبررا لإسقاط الآخرين والتنكيل بهم والتعرض لسمعتهم والدعوة إلى هدر حقوقهم... فالله يقول عن نفسه أن واسع. .ويريد من المؤمن أن يتخلق بهذا الخلق. .خلق وسع النفس... (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ).... فصدر الله واسع ..واسع.. من الشرق إلى الغرب. .فأينما نكون نجد الله..نجد الله السمع والبصر..نجد الله الصبر والرحمة. .نجد الله العفو والمغفرة. .فهو الواسع ۚ (إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).. ولذلك.. الله يريد من أن تكون صدورنا واسعة مثله ...واسعة بالرحمة والصبر والعفو والمغفرة... وهذا ما أدركه أمير المؤمنين علي. .عندما قال... (المؤمن أوسع شيء صدراً. ..)