نبض القلم

علي .. خارج المقدس

 تلك اللحظات الصادقة التي تتجلى فيها بعض الحقائق، ليست عصية على رفع الجسد الى مقام الروح الخالصة، تبحر في ذاتك تتقاذفك أمواج عواطفك في فهم المقدس وأسباب قداسته، لكنك ما أن ترسو على شاطئ الحياد، تتضح لك الرؤية أضعافا مضاعفة، بشأن الإمام علي ..

الإمام علي خارج المقدس، بالعودة لأي شخصية تاريخية وخصوصا الاسلامية منها، علينا أن نقيم الموقف خارج القناعات المسبقة، بالنظر إلى عدة زوايا والتي من خلالها نستطيع قراءتها واستنتاج عمق الشخصيهة.

1- المحرك الاساسي للشخصية
2- المواقف في الشدة والرخاء
3- الجانب الانساني
4- اختبار السلطة

بالنظر لسير العملية للإمام نجد أن المحرك الأساسي لشخصية الإمام هو الله والحق، فنجده يخاطب معاوية قائلا (لولا التقى لكنت أدهى العرب)، وفي قول أخر ( لا يعرف الحق بالرجال، أنما يعرف الرجال بالحق)،  فنراه دقيقاً جداً في وضع المعاير الدقيقة والصارمة لنفسه وللناس، في رؤيتها وتقيمها للأحداث، فكم من طالب للحق اليوم طالب للسلطة غدا.

أما في حكمته في الشدة والرخاء ، فيظهر ذلك بعد في سقيفة بني ساعده ، اختار عدم تصعيد الأحداث، مع تسجيل موقف معارضة للتاريخ، يخطى من يعتقد أن الإمام لم يملك خيارات متعددة في هذا الموقف، كان أبو سفيان وأمواله تحت أمرة الإمام ، لكن الإمام فضل عدم أثاره الفتنة.

بنظر للجانب الإنساني، نجده (أما بعد يا بن حنيف: فقد بلغني أن رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة، فأسرعت إيها، تستطاب لك الألوان، وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم، عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو.)، أبا ومربيا مهتما بأدق الصفات في ولاته، والكثير من المواقف الشخصية له، التي تنوعت بين اللين والشدة، والرحمة.

السلطة اختبار النفوس، لا يثبت فوقها إلا النفوس التي تشربت الحياة بحقيقتها، أأقنع من نفسي بأن يقال: أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش ! فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات.

التأمل في تراث الإمام علي يطول .. فهو أعمق من أحاديث فقهية مع أهميتها، وأعمق من فترة حكم سياسية، تتجلى روعتها في أحداث يومه، في رفعة سيفه لله، وانخفاض صوته للفقير، في الشجاعة في المبيت، في سيرته عطر كثير، يعلق بالروح ، فيفتق فيها دهشة الإنسان، لما غاب عنه من معاني إنسانية، علي خارج النص المقدس، مقدس.