من خلق الله !!؟

| نبض القلم | 2020/04/16

هل طرح سؤال (من خلق الله؟) يواجه مشكلة عقلية؟ وما هي هذه المشكلة؟
الجواب :
لمعرفة كون السؤال منطقياً أو غير منطقي لابد من محاكمته وفقاً لاجتماع المتناقضين، فما كان يحتوي على ما يؤدي لاجتماعهما لا يلتفت إليه لكونه خارجاً عن أسس التفكير المنطقي، وذلك لكون النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان معاً، كالوجود والعدم، والحركة والسكون في الشيء الواحد في الوقت الواحد.
 والسؤال عن من خلق الله من هذا القبيل. لأن من مقتضيات الخالق أنه غير مخلوق، وإلا ما كان اسمه خالقاً، فكيف يكون للخالق خالق آخر؟
ومما يؤسف له أن مثل هذا السؤال بدأ يطرح من قبل الملحدين الجدد، حيث يقدمونه على أنه سؤال جديد يعجز عن رده المؤمنون بالله، ويروج بعضهم بأن النبي قد نهى عن هذا السؤال، مما يدلل على خطورته على الإعتقاد بوجود الخالق، في حين أن النهي عن مثل هذا السؤال لكونه سؤالاً غير منطقي لا يكشف إلا عن قلة اطلاع. وقد حاول البعض التفنن في طرح هذا السؤال كأن يقول: إن القاعدة التي يرتكز عليها المؤمنون هي أن كل موجود لابد له من موجد، وهذه القاعدة عامة تسري على كل موجود، فإن كان الله موجوداً فتشمله هذه القاعدة، وإن كان غير موجود ثبت المطلوب.
إلا أن الجهل الذي وقعوا فيه هو عدم تفريقهم بين الوجود الممكن والوجود الواجب، فالمؤمنون لا يقولون بأن كل موجود لابد له من موجد، وإنما كل ممكن الوجود لابد له من موجد واجب الوجود. وإذا عرفنا أن الممكن هو الذي يجوز أن يكون موجوداً ويجوز أن يكون معدوماً، حينها علمنا أن وجوده لابد له من علة وسبب يخرجه من العدم إلى الوجود، أما ما هو واجب في وجوده لا يُسأل عن علته لأنه واجب بذاته وغني عن غيره.
ومن المعلوم بالضرورة أن جميع الموجودات هي ممكنة الوجود، وما فيها من نقص شاهد على عجزها وفقرها لغيرها، وهذا ما جعل المبرر المنطقي للسؤال الذي يتساءل عن من أوجد هذه الممكنات؟ ولابد حينها من الرجوع إلى إله واجب للوجود غنياً بنفسه هو الذي تفضل على هذه الممكنات بالوجود والتحقق، فلو فرضنا كونها مصنوعة لممكن مثلها لرجعنا بالسؤال عن ذلك الممكن من الذي أوجده، وهكذا تتسلسل العلل إلى ما لا نهاية، وهذاالتسلسل باطل ومحال، وعليه لابد من الرجوع إلى علة هي التي أوجدت الممكنات من دون أن تكون محتاجة إلى علة أخرى، وبعد أن يصل العقل إلى هذه الحقيقة لا يمكنه بل يستحيل عليه أن يتساءل من جديد عن من أوجد الله؟ لأنه حينها لا يكون السائل عاقلاً، بل يكون اما جاهلاً واما معاند. ودمتم سالمين

 

اللجنة الاعلامية

اترك تعليقك

Plain text

  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
صورة التحقق
اعد كتابة الرموز الظاهرة في الصورة أعلاه.