محبة من دون مودة..!!

محبة من دون مودة....

(إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ)....
(وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ)........

"الودود" إسم من أسماء الله الحسنى...
وكلمة ودود من الود، والود مصدر المودة. فالله ليس يحبنا فقط بل يودنا. وهناك فرق بين الحُبُّ والودُّ: فالحب ما استقر في القلب، والودُّ ما ظهر على السلوك. فكل ودود مُحب، وليس كل مُحب ودود، وكل ود أساسه حب في القلب.

ولذلك نرى إسم الله الودود في القرآن جاء مع الرحمة والمغفرة. فالحب لوحده لا يكفي، لابد أن تترجم هذا الحب إلى ود وذلك بأن تكون رحيما بمن تحب وغفورا لمن تحب...
وهذا يعني أن الرحمة والمغفرة هي اقوى تجليات المودة...ولكن المودة هي أن تظهر حبك لمن تحب.

وعلى هذا الأساس ينظر القرآن إلى الزواج على أنه شراكة وعلاقة قائمة على المودة والرحمة، فأختص من بين كل الفضائل والأخلاق ليؤكد على أهمية المودة المرتبطة بالرحمة. فهكذا علاقة مهمة لا بد أن تقوم على حب فيه مودة ورحمة...
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)

فالزوج مطالب أن يظهر (مودة) حبه لزوجته، وكذلك الزوجة مطالبة أن تنعكس محبتها لزوجها في سلوكها وتعاملها معه...
ومن هنا تبدا قصة هذه الزوجة المسكينة، هذا ما لم تلتفت إليه هذه الزوجة المثكولة بموت زوجها...الحبيب لقلبها...كان تحبه بعمق...وكيف لا تحبه وهو يحبها ويحترمها وقد خدمها بكل ما تعنيه هذه الكلمة. كل من حولهم كان يعرف حبه لها.
فلم يكن مستغربا كل هذا الحزن الذي ابدته على فراقه الأبدي..ظلت لسنوات ولحد الآن تكتب احلى الكلمات وأجمل العبارات عن حبها وشوقها له.... (حبيبي، نور عيني، يا أجمل إنسان، يا احلى زوج) كلمات يسمعها المحيطون بها وهي تتذكره كل يوم...

ولكن المشكلة التي لا يعرفها إلا هي...أن زوجها لم يسمع منها هذه الكلمات في حياته، مودة متأخرة، مودة في الوقت الضائع، مودة حرم منها في حياته وماذا ستنفعه بعد مماته.
كانت تحبه ولكن ما كانت تظهر هذا الحب في كلامها وسلوكها معه. كانت تخاف أن تفتنه بكلماتها فيتغير عليها...كانت تخاف أن يسمعها الآخرين فيحسدونها عليه، بل كانت تخاف أن تذكر نعمة محبة زوجها فتطير هذه النعمة من يديها. كان بودها أن تمطره بكلماتها الحلوة وهو يستحق كل هذا واكثر، ولكن كانت في كل مرة تتعوذ من الشيطان وتبلع لسانها، كانت تخاف أن يفسر زوجها كلامها على أنه ضعف منها فيتزوج عليها الثانية والثالثة والرابعة، كانت ترى (وياليتها ما كانت ترى) ان الزوجة الودودة هي زوجة ضعيفة، فالزوجة الودودة هي التي تدفع زوجها للبحث عن زوجة ثانية. كانت و ياليت ما كانت تخاف من أن يظهر حبها لزوجها وكأن الحب عورة يجب إخفائها وتغطيتها.
فاليوم أكثر ما يؤلمها هو إحساسها بهذا الذنب، مات زوجها وحبيبها ولم تسمعه حبها له. فراقه صعب جدا عليها ولكن ماذا تفعل مع احساسها بهذا الذنب، أكوام من الحب راكمتها خلال عشرتها الحلوة معه، وكان المفروض ان يسمع منها هذا الحب في حياته الطويلة معه، كانت تخاف من أن يسمع حبها، بل كانت تزعجه بأمور شتى امعانا في إخفاء حبها له.

وها هي اليوم تريد أن تكون "انسانة ودودة"...تريد أن تعلم الناس ان الحب لا معنى له اذا لم يترجم الى ود ومودة...

(هي تعلم وهذا ما يؤلمها أشد ما يكون أنها خسرت أعظم وأحلى شيء في حياتها مع زوجها وهي الحب بمودة...
فمودتها له متأخرة، بل هي تؤلمها لأنها تأتي في الوقت الضائع...)

أظهروا مودتكم لمن تحبونهم قبل فوات الأوان...

اترك تعليقك

Plain text

  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
صورة التحقق
اعد كتابة الرموز الظاهرة في الصورة أعلاه.

التعليقات

أحد, 04/08/2019 - 10:40م رد

اولاً الشكر الجزيل للأخ الفاضل ابو محمد
على طرحهِ هذا الموضوع ٠
حقيقةً الحياة تحتاج جهاد بمثل هذا الاسلوب
الرائع الذي يجب أن تستقيم عليه كل أسره
وكل مجتمع ولابد من إظهار الموده القلبيه
باللسان ولايجب كتمانها لان ذلك يزيد من جمال العلاقة بين الزوجين وبين الوالدين والابناء ٠٠
موضوع رائع في غاية الاهميه يرجى تطبيقه
عملياً للقضاء على الحب والموده الصامته ٠
شكراً جزيلاً لك اخينا الفاضل ابو محمد ٠٠

أحد, 04/08/2019 - 8:50م رد

إسأل نفسك ..
هل تنام كل يوم على مودة و حب و رغبة في الخير و نية في عمل صالح ؟ أم على غِل و كراهية و حسد و تربص .. ؟

.. و ستعلم إلى أي مدى أنت على دين الإسلام .

ماذا تخفي في طيات ثيابك ؟ هل تخفي خنجراً أم مسدساً ؟ أم تخفي هدية حب و رسالة خير لإخوانك .. ؟

هل تخطط لتبني أم لتهدم .. ؟

هل تنطق بالطيب من القول و بالنافع من الكلام ؟ أم تدعو إلى الخراب و الدمار و الفتن .. ؟